فتح إنطاكية على يد السلطان الملك الظاهر ( 666 هـ )
وهي مدينة عظيمة كثيرة الخير، يقال إن دور سورها اثنا عشر ميلاً، وعدد بروجها مائة وستة
وثلاثون برجاً، وعدد شرافاتها أربعة وعشرون ألف شرافة، كان نزوله عليها في مستهل شهر رمضان، فخرج إليه أهلها يطلبون منه الأمان، وشرطوا شروطاً له عليهم فأبى أن يجيبهم وردهم خائبين وصمم على حصارها، ففتحها يوم السبت رابع عشر رمضان بحول الله وقوته وتأييده ونصره، وغنم منها شيئاً كثيراً، وأطلق للأمراء أموالاً جزيلة، ووجد من أسارى المسلمين من الحلبيين فيها خلقاً كثيراً، كل هذا في مقدار أربعة أيام.
وقد كان الأغريس صاحبها وصاحب طرابلس، من أشد الناس أذية للمسلمين، حين ملك التتار حلب وفر الناس منها، فانتقم الله سبحانه منه بمن أقامه للإسلام ناصراً وللصليب دامغاً كاسراً، ولله الحمد والمنة.
وجاءت البشارة بذلك مع البريدية، فجاوبتها البشائر من القلعة المنصورة، وأرسل أهل بغراس حين سمعوا بقصد السلطان إليهم يطلبون منه أن يبعث إليهم من يتسلمها، فأرسل إليهم أستاذ داره الأمير أقسنقر الفارقاني في ثالث عشر رمضان فتسلمها، وتسلموا حصوناً كبيرة وقلاعاً كثيرة، وعاد السلطان مؤيداً منصوراً، فدخل دمشق في السابع والعشرين من رمضان من هذه السنة في أبهة عظيمة وهيبة هائلة، وقد زينت له البلد ودقت له البشائر فرحاً بنصرة الإسلام على الكفرة الطغام. (ج/ص: 13 / 293 ).