الأمن نعمة كبرى لا يعرف فضلها إلا من حرمها. وهي ثمرة من ثمرات الإيمان ينعم المؤمن في ظلالها بالهدوء والسكينة والاطمئنان. قال تعالى:
{ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف
الذين من قبلهم وليمكنَّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدّلنهم من بعد خوفهم أمناً } [ سورة النور: الآية 55 ].
{ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } [ سورة الأنعام: الآية 82 ]
إن النفس المطمئنة لا توجد إلا حيث يكون الإيمان، يجلو بنوره ظلمتها ويسكن قلقها. والمؤمن يجد راحته وأمنه في طاعته لربه وقناعته برزقه ورضاه بقضائه وبهذا الأمن تستقر حياته ويتحصن من غوائل الفوضى وبه ينتصر على صعوبات الحياة وشدائدها. وهو أول دعامة من دعائم الاستقرار في الحياة
و السلف الصالح عندما جعلوا كتاب الله منهجاً لهم في حياتهم، شعروا بأن العناية الإلهية ترعاهم فامتلأت قلوبهم بالرضا والاطمئنان. في حين أن الخوف يساور الإنسان عندما يبتعد عن الإيمان بربه ويكفر بنعمائه.قال تعالى:
{ وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الخوف والجوع بما كانوا يصنعون } [ سورة النحل: الآية 112 ]
و الخوف يزيد ضربات القلب فيسرع ويضعف، لكن المؤمن، عندما ينتابه ضيق، يهرع إلى ربه فيأتيه الأمن ويزول عنه الجزع فيهدأ خفقان قلبه واضطرابه. أما غير المؤمن فهو أكثر استجابة للخوف وتأثراً بالهزات والاضطرابات وما ينجم عنها من اضطراب وظيفة القلب وارتفاع ضغط الدم وازدياد إفرازات المعدة المقرحة كما يظهر عنده العديد من الاضطرابات النفسية والعصبية.
و الخوف نوع من أنواع الاضطراب الوظيفي النفسي. فترى الخائف قد جمع هموم المستقبل إلى مشاكل الحاضر فيسلبه بذلك راحة البال وصحة البدن ويقع فريسة للأمراض النفسانية والجسمانية على حد سواء. أما صاحب النفس المطمئنة فإنه يجد العزاء بإيمانه بمولاه وبثقته بالقوة العليا المهيمنة على الكون، فتقوى روحه المعنوية ويستقر في حياته صامداً أمام الملمّات وينام قرير العين آمناً برضى ربه ومولاه
و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أصبح منكم آمناً في سربه معافىً في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " [ رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب ].